المنتدى العربي للتفكيك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الموت بين مطرقة الريبة وسندان اليقين

اذهب الى الأسفل

الموت بين مطرقة الريبة وسندان اليقين Empty الموت بين مطرقة الريبة وسندان اليقين

مُساهمة  رامي سليم الجمعة أغسطس 28, 2009 8:50 pm

إن َّ المتمعِّن في المشهد الموتي يدرك ادراكا يقينيا أن ّ فيه شيئا غير مبرّر غير مكتمل غير مفهوم وبما ان الإنسان لم يسع َ سعيهُ إلى تقليص الهُوَّة الفاصلة بينه وبين العالم باختراع الفاهمية لمنظوره لا يستطيع ان يأخذ هذا الحدَث على أنه حدث ٌ مكتمل وتام الدلالة , وغني ٌ عن القول الخوض في نتائج مثل هكذا تصوّر .

بما أننا نخضع للنوع الانساني طبيعيا لابدَّ من مشاعية النظرة إلى كل ما هو غير مكتمل" وفقا له " وواضح على أنه مُرجأ الاكتمال ومُحيَّن ُ الدلالة هكذا يشترك أفراد الجنس البشري في رؤيتهم للموت بصفته لغزا مؤجلَ الحل .

لكن َّ الموت على صعيد ٍ آخر يفرض جلالته الرهيبة وريبية َكونه حدثا مشروطٌ فهمُه بال " يقين " , أيا ً كان هذا اليقين حول َ موضوعة ِ انكشاف سره المفترض
لا شك أن هذه الريبية خلاصة ُ محاكمةٍ عقليةٍ محضة ,يكون العقل ُ فيها في أقصى حالاته التقييمية مهنية ً وموضوعية , حيث ُ إن الانسان في جوهره حيوان قلِق ,قلِق ٌ بشأن ال مابعد والتي بدورها نيجة ُ حتميَّة للادراك البشري وخضوعه لقانون العقل البشري في نظرته للكون

ولأن الإنسان في صميمه أناني لا يتنازل عن حق إلا طمعا في أحق منه , وما قلقه إلا قلق ٌ شخصي موضوعه الرئيس مصيره الشخصي أما بشأن اجتماعية الانسان فأنظر ُ إليها على أنها محاولة لتأميم القلق والسأم الوجوديين بسبب الوجود , المُحاكَم من قِبَل العقل المجرَّد .

أشرت ُ إلى الجانب الآخر من النظرة الإنسانية للموت تلك َ النظرة التي تراه ُ فيها هاوية ً وجودية ولحظة َ انبتات على صعيد الكينونة وانعدام في جوهر الذات وتطرَّقت ُ إلى أن َّ هذه الريبة بشأن الحل المقدَّم من الواعية البشرية هي بالضرورة استنتاج ٌ عقلي محض لعقل ٍ ارتدَّ إلى أكثر غرائز الإنسان أصالة ً " الأنانية " فاضطرَّه ُ هذا الارتداد إلى اعادة النظر بالحلول والتطمينات المتوارثة بخصوص ارجائية معنى الموت ولكن ما المُجدي للنفس البشرية من مثل هكذا استكناه مالذي يستفيده الانسان من فتح فوَّهة من الاحتمالات التي تتساوى في احتماليَّتها بخصوص موضوع تم َّ اقفال ملفه بنهايات سعيدة

إنَّ مسألة فتح ملف الموت بعد الركون إلى الأجوبة النهائية والمطمئِنة بخصوص عدم اكتماله المسرحي يقودني للبحث عميقا في مسألة أُخِذت كمُسلَّمة نفسية وهي أن الإنسان ينزع إلى الخلود وديمومة البقاء ... لن أُجادل في حتميَّة هذه المُسلَّمة رسوخاً في واعية الإنسان بل ما سأخوض فيه يتعلَّق بالشق الآخر من المسألة : هل الإنسان ينشد خلوداً خارج الأرض بمعنى آخر هل يريد الإنسان الخلود بشروط غير الشروط الأرضية ؟؟
بما أنَّ الزمانية والمكانية من شروط أي موجود بصفتِه ِ موجودا ً حيث ُ لا يمكن إجتماع وجود الموجود وانعدام زمانيته أو مكانيته وهذه الحتميَّة يعتقدها الإنسان اعتقاداً صامتاً بحكم طول التجربة المعاشة من الناحية الوجودية واشتراطاتها لاعتبار كائن ٍِِ ما موجوداً وذلك من البداهة العقلية التي جاءت نتيجة َ تراكُم ٍ اختباري من حيث موضوعة ِالانعدام والوجود

بعد هذه المقدمة أستطيع استخلاص بعض العلل الكامنة وراء الريبة تُجاه أي ِّ وعد ِ أو حل لمسألة الموت والتي تتلخَّص في تناقض هذه الوعود والحلول مع صريح مسلَّمات العقل التجريبية المحضة هذه العملية العقلية النزيهة يلجأ إليها العقل الإنساني عندما يُهَدَّد وجودُه ُ الأرضي بالإنتفاء موتا وتبعا للشروط الوجودية للكائن يُمارس العقل هذه النقديَّة المسلَّحة بالتجريب والمعاينة وطول الخبرة وربما السأم من الإرجائية التي بدأَ يستشعرها كمخدِّر وجودي - إزاء الحلول المُتعارف عليها .

قُلت ُ العقل ولم أستخدم النفس أو أي مصطلح ذي علاقة بالجهاز النفسي لأن َّ المحرِّك لهذه العملية النقدية هو العقل ولكن العقل لا يستطيع الاشتغال وحده دون تساوق النفسي وصيرورته المتفاعلة مع استجاباته " الجهاز النفسي " للواقع الإنساني وبما أنَّ العقل يستنتج ذلك في أشدِّ حالاته صرامة ً جراء المعاينة لجثَّة هامدة مع ما تبشِّر به من اندثار لجريان قانون الطبيعة عليها مع ما تعده وتحاول اقناعه الحلولُ والأجوبة عن عالم آخر تستمر فيه الحياة أو تعود بعد انقطاعها

ولكن ما المُجدي من الناحية النفسية لمثل هكذا مُحاكمة صارمة ولماذا يلجأ إليها العقل رغم أنها نذيرٌ بانتفائه وانعدامه وجوديا ً ما الذي تجنيه النفس حسب مبدأ اللذة من هذه العملية ؟

بما أنَّ العقلي وصل إلى استنتاجه تجريبيا ومُخضِعاً الوعود والحلول للصرامة النقدية والمنطقية بعد ذلك يتدخَّل النفسي لتصفيَة حسابه مع هذه الحلول التي خدعتهُ وضلَّلت تاريخه ومعنى وجوده بتفعيل العقلي وتوجيهه نحو نفي أي احتمالية للوجود خارج نطاق الأرض للوصول إلى لحظة توازن نفسي من حيث تفريغ الغل المُتأتي من الخداع والحسرة على حلم تمَّ خصيُه ُ للتشبُّث بالحياة واستنزافها حتى آخر قطرة فيها

رامي سليم

المساهمات : 3
تاريخ التسجيل : 17/08/2009
العمر : 38
الموقع : عمان / الاردن

https://jacques-derrida.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى